عبر الكاتب الروسى أوسترفيسكى عن فلسفة الحب فى هذه العبارة «قالت قطعة الجليد وقد اشتاقت لشعاع الشمس فى مستهل الربيع»: (أنا أحب، وأنا أذوب، وليس فى الإمكان أن أحب وأوجد معا).
الحب ينقلك من حال إلى حال، ذُكر الحب فى القرآن ٨٢ مرة ووصف الله تعالى الذين آمنوا «والذين آمنوا أشد حبًا لله» و«قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله»، وكان من أدعية الرسول «اللهم ارزقنى حبك وحب من يحبك، وحب ما يقربنى إلى حبك».
وهذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تؤكد أن الحب ليس «حراما» كما ذهبت فتاوى بعض المتشددين الذين يتصورون أن الاحتفال بعيد الحب هو مؤامرة مسيحية للاحتفال بذكرى القديس فالنتاين.. لكن هذا لا يعنينا، فالمهم هو أن نتذكر الحب دوما وفى أى وقت.
وعن أهمية الحب فى حياة الإنسان يقول الفيلسوف الإنجليزى برتراند راسل: «ليس من السهل أن نوجز الأسباب التى تدفع الإنسان إلى الإيمان بقيمة الحب، فالحب ذاته مصدر من مصادر الارتياح، كما أن الحب يزيد فى قيمة المتع الأخرى، كالموسيقى وشروق الشمس من وراء الجبال، وأشعة القمر التى تنعكس على سطح البحر.. والرجل الذى لا يمتع نفسه بمثل هذه الأشياء الجميلة وهو فى صحبة امرأة يحبها، يكون قد حرم نفسه من التأثير السحرى الذى تحدثه هذه الأشياء، الحب ليس فقط معينا لا ينضب للسعادة ولكنه أيضا منظار معظم يجعلنا نستمتع بما كان بعيد المنال عنا».
فى مسرحية «الأيام المخمورة» عبر الكاتب السورى سعدالله ونوس على لسان «سناء» عن أهمية وقوة الحب وهى توصى ابنتها «لا تخافى من الحب لأنه النعمة التى تجعل للحياة معنى، وتجعل للإنسان هدفا وأملا يتجددان ولا ينضبان، لا تعصرى قلبك حين يخفق، ولا تحبسى أنفاسك حين يتدفق الدم لاهثا فى عروقك، وحين تشعرين أن عاطفة كالتيار تدفعك نحو الذى برقت له عيناك وخفق له فؤادك، اركبى التيار ولا تخافى».
ولقد حاولت الأساطير اليونانية أن تفسر سر الحب والجاذبية بين الرجل والمرأة، فذكرت أن الإنسان كان كائنا واحدا وعندما تمرد قرر الإله زيوس تأديبه وإضعافه فشطره إلى نصفين: ذكر وأنثى، ومنذ ذلك الحين وكل شطر يتوق لنصفه الآخر ليكتمل.. فالحب يسعى لأن يوحد كائنين فى كائن واحد من جديد، منذ خفق قلب الإنسان بالحب وهو يسعى ليعبر لحبيبه عن مكنون نفسه ولوعة فؤاده، لذلك احتاج إلى «مراسيل الغرام» لتكون جسرا للمحبة بين الشطرين المتلهفين.. وقد تتغير المراسيل عبر الزمن، لكن يبقى الحب دوما فى كل زمان ومكان إكسير الحياة.
انتصار: أنا مرسال نفسى«بحب أكتب رسائل غرام وأبعتها أكتر من استقبال الرسائل.. فى قصة حبى لم أعتمد أبدا على (مرسال) بينى وبين حبيبى كنا أصدقاء وعندما قرر مصارحتى بحبه لم يلجأ لوسيط، وكنت أنا مرسال نفسى».. هذه الكلمات للفنانة انتصار التى أكدت أنها أرسلت رسائل حب كثيرة ولم تندم على واحدة منها ولم تنتظر رداً على أى منها، وتضيف: «مضمون أى رسالة هو تعبير عما بداخلى بالكلمات، وقد تقتصر الرسالة على علامة استفهام فقط».
مرسال الغرامقالوا عنه: «مرسال الغرام» و«عربون الحب» و«ضريبة المحبة» و.. ورغم تعدد الأسماء، فإنه لا غنى عنه بين المحبين، فهو يقوم بدور ساعى البريد، لكن بين القلوب.. قد يكون مرسال الغرام هدية لطيفة فى مناسبة سعيدة، ودون مناسبة تكون الهدية ألطف، وقد يكون «عشوة حلوة»، فكثيرات لا يزلن يعتقدن أن الطريق إلى قلب الرجل معدته، وأحيانا ما تعادل بلاغة قصيدة عاطفية لشاعر موهوب، شاعرية وجبة ساخنة أعدتها ربة منزل متواضعة.
وهنا من يحرص على أن يكون كلامه عربون غرامه.. كلام فى إيميل أو رسالة أو مكالمة تليفون أو من خلال وسيط، يكون فى الغالب طفلا صغيرا يجنده «الحبيبة» للقيام بدور ساعى الغرام.
هذه اللمسات الرقيقة رغم بساطتها، فإنها تعكس مشاعر المحبين وتعطى مؤشرا على حيويتها وتجددها وتقدير المحبين لما بينهم من مشاعر نبيلة.
مى عز الدين: لسه معايا رسالة ابن الجيرانولاتزال مى عز الدين تحتفظ هى الأخرى برسالة من «ابن الجيران» وتقول: «كتب لى فيها كلمة (بحبك) واتقفشت من ماما. وفيه رسالة حب أيضا ندمت عليها أرسلتها لشخص كنت فاكراه صادق.. وأنا الآن أنتظر رسالة من صديقة كنا على خلاف و«مزعلانى»، ورسالتها لم تصلنى إلى الآن».
سهير المرشدى: أنا وحبيبى بنموت فى الوردأما الفنانة سهير المرشدى فتعتز بالورد وتعتبره رسول الغرام بينها وبين الفنان كرم مطاوع وتقول: «كان الورد هو المتحدث الرسمى بيننا والشعلة التى أضاءت الطريق لحبنا.. كلانا يعشق الزهور لما تمثله من رقة وجمال».
الهديةأيا كانت قيمتها المادية بسيطة، إلا أن قيمتها الحقيقية تكمن فى كم المشاعر الجميلة التى تحملها الهدية، وبمرور الزمن تطورت هدايا الحب، لكن لايزال «الورد» يتربع على عرش هذه الهدايا.. الورد الأحمر هو الأكثر شيوعا بين المحبين، ومؤخرا أصبحت الهدايا المألوفة بين المحبين هى القلوب والدباديب المكتوب عليها كلمات رقيقة ورسوم عاطفية.
وتختلف الهدايا حسب الجنس، ففى الوقت الذى تفضل فيه البنات أن تختار لحبيبها ساعة أو ميداليات الأحرف الأولى، أو كرافاتة أو كوفية أو قميصاً أو مجموعة حلاقة كاملة، هناك أيضا هدايا معينة يفضل الرجال اختيارها كهدايا، مثل العطور والماكياجات والمشغولات الذهبية ومشاهدة فيلم فى السينما.
أما المتزوجون فأغلبهم يحددون الهدية حسب احتياجاتهم الضرورية، وتتنوع بين الحقائب والملابس والأحذية والموبايل.
أغرب تغيير طرأ على هدايا الحب كان بعد فوز مصر بكأس الأمم الأفريقية، حيث اتخذت هدايا عيد الحب هذا العام شكل كرة قدم مغلفة بالفرو الأحمر، وكذلك علب الهدايا المغلفة بعلم مصر ومطبوع عليها أسماء المحبين.
بياع الورد هو أكثر شخص يقوم بدور مرسال الغرام بين الأحبة عن طريق بوكيهات الورد التى يقوم بتنسيقها لكى يخطف الحبيب قلب حبيبته ولكن من الذى يقوم له بدور مرسال الغرام وماذا عن الحب فى حياته.
يقول محمد عبدالفتاح، صاحب أحد محال الورود: أنا أكتر ورد بحبه هو الورد الأحمر البلدى. أنا مرتبط ببنت خالتى لكن هى للأسف مش بتحب الورد بتحب الهدية تكون مادية أنا اللى بهدى الورد للناس ومش لاقى اللى يهدينى وردة.
أما هشام محمود: أنا متجوز من ٣ سنين وآخر وردة حصلت عليها كانت من مراتى واحنا مخطوبين، وبالرغم من كل الورد اللى معايا إلا إنى عمرى ماحس بيه إلا إذا كان هدية من مراتى.
ومحمود السيد يقول: أنا مش مرتبط لكنى لما أخطب مش عايز هديتى تكون ورد أنا عايز حاجة تانية يعنى للتغيير ممكن ناس تقول على مش رومانسى، لكن أنا نفسى أغير.
ويقول محمد دياب: أنا خاطب وعلى طول بهدى لخطيبتى ورد وكل مرة بيكون بشكل مختلف وهى كمان بتجيبلى ورد من مكان تانى وبتحاول يكون مختلف ومش مقتصرين على عيد الحب لأن كل لحظة حب فى حياتنا هى عيد.
وسألت عم محمد، صاحب أحد محال الورد عن استعداد المحل للفالنتين فقال: أهم وردة فى أى بوكيه هى الوردة البلدى. والبنات هم أكثر إقبالا على شراء الورود لأنهن أكثر رومانسية ولكل وردة رمز.
أقصر طريق لقلب جوزك.. معدتهحين قالوا قديما أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته، كانوا على صواب ربما لأنه بشكل غير واع يستقبل الطعام استقبالا عاطفيا، ويعتبره أحد مظاهر الحنان والأمومة من تلك المرأة التى أعدت له وحده هذه الوجبة الشهية أو عزمته عليها. الكاتبة اللاتينية ايزابيل الليندى ربطت فى كتابها «أفروديت» بين الطعام والحب بشقية الحسى والمعنوى، وأكدت أن دخول الرجل المطبخ بغرض الطهى لمحبوبته دليل قاطع على محبته لها.
الإعلامى معتز الدمرداش يعد أشهر المحبين الذين يفضلون الطعام كمرسال غرام، ويقول إنه اعتاد اصطحاب زوجته لسهرات شاعرية، ليجربا معا فى كل مرة مطعما جديدا، أو صنفا جديدا من الوجبات، ويؤكد أن الأكل ثقافة وإحساس، مضيفا أن زوجته طباخة ماهرة تجيد طهى أصناف المطبخ الشامى الذى يفضله كثيرا. الطب النفسى أثبت هو الآخر تأثير الطعام على المشاعر، فبعضه يساعد على ازدهارها كالخضروات والفواكه والأسماك، والبعض الآخر على انحسارها كالدهون واللحوم الحمراء.
سامية شاهين «موظفة» تقول: انتبهت لأهمية الطعام فى العلاقات الإنسانية مبكرا كنت أعود من المدرسة وأشم رائحة الطبخ فأشعر بالنشوة والبهجة، وأننى شاهدة على طقس عائلى مقدس، وبعد زواجى اعتبرت أن الطعام الذى أقدمه لزوجى وأبنائى بمثابة رسالة محبة متجددة.
أما محمد عبدالله «مهندس» فيقول: طبخ زوجتى هو الترمومتر الذى أقيس به حالة مزاجها، إذا كان شهيا، و«تعبانة فيه»، أعرف أنها راضية عنا جميعا، وإن كان العكس أعرف أنها غاضبة.
غرام أون لاين«بحبك يانونو ومقدرش أستغنى عنك»، «يا أحمد سامحنى أنا ما أقدرش أعيش من غيرك»، «صباح الخير يا حبيب قلبى.. sweety girl»، «حبيبى هقابلك بكره فى النادى».. هذه ليست نماذج رسائل موبايل، لكنها رسائل عبر الأقمار الصناعية تجد نماذج عديدة منها على جميع القنوات الفنية، وكأنه «حب أون لاين» يشهد عليه العالم كله، بعد أن كانت كلمة «بحبك» تقال بين المخطوبين فى سرية تامة.
يقول د. فؤاد السعيد، الخبير فى مركز البحوث الاجتماعية: «ليس من العيب أن نواكب التطور والتكنولجيا، لكن ليس فى كل شىء، فالاعتراف بالحب شىء جميل، لكن لابد من وجود خصوصية وحياء بين الطرفين حتى لا يفقد الحب معنى الاحترام، وتلك الرسائل التى تظهر على الشاشات ربحية فى المقام الأول تحت اسم الحب، وإذا نظرنا إلى أساليب التعبير القديمة عن الحب مثل التليفونات ومراسيل الغرام نجدها أكثر رومانسية».
كابتن فلاشةيختلف وسيط الغرام حسب ظروف كل حالة حب، فمن المحبين من يستغل الشغالة لتقوم بهذا الدور مقابل رشوة معقولة، تصبح بعدها «ستر وغطا»، وهناك صبى المكوجى الذى يزرع الجواب فى جيوب ملابس الحبيب أو الحبيبة بعد كيها، مقابل بقشيش محترم.
وفى الجامعة فإن الكشكول هو بطل مراسيل الغرام، وهناك من يجند طفلا صغيرا بشرط أن يكون كتوما للأسرار مقابل قطعة شيكولاتة، وأطرف مثال لهذا النوع من المراسيل هو الطفل «محمود» أو كما يطلقون عليه كابتن فلاشة وهو أصغر طفل فى العائلة عمره ٩ سنوات فقط، يقوم بمهمة نقل الفلاشة بين المخطوبين من عائلته، تحتوى على الجواب الإلكترونى المصمم على برنامج معالجة النصوص وكذلك الصور.
وتقول فاتن على، موظفة: «مرسالى كان أختى الصغيرة، أما عن مرسالى بعد الزواج فهو الاهتمام لأنى مقتنعة بأن الحب أفعال، لكن هذا لا يمنع من رسالة حلوة أرسلها له على الموبايل».